- ندوات إذاعية / ٠09برنامج حياة المسلم - إذاعة حياة إف إم
- /
- ٠2برنامج حياة المسلم 2-مدارج السالكين
مقدمة :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، يا ربنا صلّ وسلم ، أنعم وأكرم على نبينا ورسولنا محمد صلوات الله وسلامه عليه ، السلام عليكم مستمعينا الكرام في حلقة جديدة من برنامجكم مع الدكتور محمد راتب النابلسي ، شيخنا الكريم ، أسعد الله أوقاتكم ، ومرحباً بكم .
الدكتور راتب :
بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم .
المذيع :
أكرمكم الله دكتور .
مستمعينا الأكارم حلقتنا لهذا اليوم تحت عنوان " النية " نتحدث عن النوايا التي نلقى الخالق سبحانه وتعالى ، نبدأ حلقتنا بقوله عز وجل :
﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ﴾
والحديث الشهير عن النبي صلى الله عليه وسلم :
(( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ))
مرحباً بكم دكتورنا الكريم ، حينما نتحدث ونقول : فلتأخذ نية ، أو تجدد نية ، أو فلتصف النية ، ماذا تعني كلمة النية دكتور ؟
الإنسان كائن متحرك تحركه حاجات ثلاثة :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
الحقيقة الدقيقة أن الإنسان كائن متحرك ، هذه الطاولة كائن سكوني ، لِمَ هو متحرك؟ ما الذي يدفعه إلى الحركة ؟ حاجته إلى الطعام والشراب ، حفاظاً على بقاء وجوده كإنسان ، عندنا حركة ثانية ، ما الذي يدفعه إلى الزواج ؟ حفاظاً على بقاء النوع ، ما الذي يدفعه إلى التفوق ؟ حفاظاً على بقاء الذكر ، بين الحاجة إلى بقاء الفرد ، وبقاء النوع ، وبقاء الذكر ، الإنسان كائن متحرك ، الحركة هذه إما أن تكون وفق منهج الله ، أو بخلاف منهج الله ، والإله هو الخالق ، وهو الخبير بما يصلح الإنسان ، وما يفسده ، وما يسعده ، وما يشقيه ، فالبطولة ، والذكاء ، والنجاح ، والتفوق ، أن تتحرك وفق تعليمات الصانع ، لأن الصانع هو الجهة الوحيدة الخبيرة ، قال تعالى :
﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾
في الأرض ثمانية مليارات إنسان ، ما منهم واحد يتمنى الفقر ، ولا القهر ، ولا المرض ، ما منهم واحد إلا ويتمنى أن يكون غنياً ، وقوياً ، وسعيداً ، ما منا واحد إلا ويتمنى أن يعيش مئة وثلاثين سنة ، الحاجة إلى الطعام والشراب حفاظاً على بقاء الفرد ، والحاجة إلى الزواج حفاظاً على بقاء النوع ، والحاجة إلى التفوق حفاظاً على بقاء الذكر .
قيمة العمل بنيته :
الآن النقطة الدقيقة جداً :
(( إِنَّمَا ))
هذه أداة قصر وحصر ، للتوضيح أنا أقول : شوقي شاعر ، هل يمنع أن يكون ناثراً أو تاجراً أو طبيباً ؟ لا يمنع ، أما لو قلت : إنما شوقي شاعر ، فقط ، أداة حصر وقصر ، فلما النبي قال :
(( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ))
أي قيمة العمل بنيته ، قيمة العمل بالمنطلق الداخلي لهذا العمل .
المذيع :
أكثر من ذات العمل نفسه دكتور .
الدكتور راتب :
طبعاً ، مثلاً إذا إنسان يعلم أن هذا الشراب الرائع يؤذي فلاناً في مرضه ، أنت قدمت له هذا الشراب أمام الناس جميعاً ، شراب رائع ، طيب ، حسن ، له ثمن عال ، لكن الإنسان أراد أن يؤذي هذا الضيف بهذا الشراب ، يحاسب ، ويعاقب عقاباً شديداً ، وأحياناً أنت أردت له النجاح فلم ينجح ، وقد تكون قد أخطأت معه دون أن تشعر ، ودون أن تريد ذلك .
المذيع :
فالنية حسنة هنا .
الدكتور راتب :
النية حسنة .
المذيع :
فلا يؤاخذ .
الدكتور راتب :
فلذلك :
(( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ))
المذيع :
إذاً النية التي تسبق العمل وترافقه هي أعظم من ذات العمل دكتور في الشريعة جميل.
إذاً لو أردنا أن نعرف النية دكتور ، بأي كلمات يمكن أن نوصفها ، هل نقول هي شعور داخلي ؟
تعريف النية :
الدكتور راتب :
هي تصور يسبق العمل ، أو بحث عن هدف قبل تحقيق العمل .
المذيع :
وقد تكون نية خير ، وقد تكون نية شر حسب صاحبها .
هل يحاسب الإنسان على النوايا دكتور إن لم تترجم إلى أفعال ؟
عدم محاسبة الإنسان على النوايا إن لم تترجم إلى أفعال :
الدكتور راتب :
والله هذا الموضوع خلافي ، بالأساس الإنسان يحاسب عن أفعاله فقط ، لي تعليق يجمع بين المعنيين ، الإنسان إذا نوى الشر ، ولم يتبرأ من هذه النية في المستقبل ينقلب هذا الشر إلى عمل .
المذيع :
نوضحها دكتور .
الدكتور راتب :
شخص تمنى لإنسان الضرر ، لكن ما فعل شيئاً ، لا يحاسب ، هذا التمني إن لم يدفعه ورعاً ينقلب بعد ذلك إلى فعل .
المذيع :
يخشى أن يتحول إلى فعل .
الدكتور راتب :
يخشى أن ينقلب إلى فعل .
المذيع :
إن لم يفعله دكتور لا يؤاخذ عليه ؟
الدكتور راتب :
لا .
المذيع :
سواء إن لم يفعله .
الدكتور راتب :
لا يحاسب إلا على العمل مبدئياً ، لكن هذه الخواطر إن لم تدفع ربما انقلبت إلى عمل .
المذيع :
بغض النظر ما هو السبب الذي حال دون قيامه بفعل الأذى هذا دكتور سواء كان هو تراجع عنه أو الظروف لا تسمح ؟
الدكتور راتب :
أشر الناس هو الذي أراد الشر ولم يستطع أن يفعله ، هذا أشر الناس ، أما إذا أراد الشر ثم راجع نفسه ، وأحجم عنه فله أجر .
(( من همَّ بسيئة فلم يعملها لم يكتب عليه شيء ـ كتبت له حسنة ))
المذيع :
إذاً من همّ ؛ أي نوى الخطأ .
الدكتور راتب :
(( من همَّ بسيئة ))
المذيع :
فتراجع لوجه الله بتوبة .
الدكتور راتب :
(( كتبت له حسنة ))
المذيع :
وإن لم يفعلها لأن الظروف حالت لا يؤاخذ طالما لم يتحقق الفعل ، لكن يخشى .
الدكتور راتب :
أما إذا أرادها ولم يستطع أن يفعلها فيحاسب عليها .
المذيع :
جميل ، في ذات الحديث دكتور عن النبي فيما يرويه عن الله تبارك وتعالى :
(( إنَّ الله تعالى كَتَبَ الحسناتِ والسيئاتِ ، ثم بيَّن ذلك ، فَمَنْ هَمَّ بحسَنة فلم يعملْها كَتَبها الله له عنده حسنة كاملة ))
المعادلة في كرم الله واسعة ، السيئة تغفر والحسنة تثاب ؟
نية المؤمن خير من عمله :
الدكتور راتب :
هو لماذا تراجع ؟ خوفاً من الله ، تصور أنه يعصي خالق الأكوان ، فلما تراجع كتبت له حسنة .
المذيع :
سبحان الله ! أما الحسنة التي نواها فإن لم يستطع تنفيذها أيضاً تكتب له حسنة .
الدكتور راتب :
كتبت له ، همّ بعمل صالح ، لم يتح له ، كتب له العمل كأنه فعله ، هذا كرم الله عز وجل ، إذا أحجم عن سيئة خوفاً من الله كتبت له حسنة ، وإذا همّ بعمل لم يتمكن من تنفيذه كتب له حسنة .
المذيع :
ما أعظم النوايا سبحان الله !
إذاً بالنوايا قد يصل الإنسان دكتور إلى منازل مرتفعة جداً ، وهو حتى قبل أن يقوم بهذه الأفعال ، بهذه النوايا .
الدكتور راتب :
لذلك قالوا : نية المؤمن خير من عمله .
المذيع :
نوضحها شيخنا .
الدكتور راتب :
أي قد ينوي خدمة الناس جميعاً ، قد لا يستطيع ، ينوي مثلاً مساعدة أهله جميعاً لا يستطيع ، نية المؤمن خير من عمله ، ونية الكافر شر من عمله ، الذي فعله يتمنى أن يفعله شيئاً شريراً أكبر منه .
المذيع :
والعياذ بالله ، إذاً لو إنسان مثلاً وجد دكتور مسجداً ، ووضعه المالي لم يسمح له بالتبرع مثلاً إلا بمبلغ يسير ، لكنه نوى نية صادقة يعلم الله صدقها ، أنه إذا ربنا مكني سأبنيه كاملاً على نفقتي هنا يتحقق له أجر الفعل الذي لم يتمكن منه .
الدكتور راتب :
أنا أؤمن إيماناً دقيقاً وعميقاً وقطعياً أن نية المؤمن ببناء مسجد لو ساهم بجزء بسيط يكتب له أجر مسجد بكامله ، نية المؤمن خير من عمله ، والأعمال بالنيات .
المذيع :
وضحتم شيخنا قبل قليل في حديث النبي عليه الصلاة والسلام :
(( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ))
والجزء الثاني من الحديث :
(( وإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ))
ما المقصود به دكتور ؟
محاسبة كل إنسان على نيته :
الدكتور راتب :
له نيته من العمل ، أما العمل نفسه فمن فعل الله ، ما الذي له ؟ له لام الملك ، شخص مثلاً تصدق ، هذا المال مال الله عز وجل ، هو ما فعل شيئاً ، هو نقل شيئاً من مكان إلى مكان ، على ماذا يؤجر إذاً ؟ على نيته .
(( الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ))
الآن يقابلها ، لو نوى بهذا الشراب الرائع أن يؤذي المعدة يحاسب كذنب ، أي يعرف أنه يوجد التهاب معدة حاد ، والليمون يؤذي هذه المعدة ، قدم له كأس ليمون بكأس راق جداً ، مع تبريد ، وانحنى نصفين ، هو ينوي إيذاء المعدة بهذا الشراب الرائع.
(( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ))
المذيع :
ألا يمكن دكتور الإنسان أن يذهب إلى دنيا يصيبها ، أو امرأة يتزوجها وتكون النية لله يعف نفسه بها ؟
الدكتور راتب :
ممكن طبعاً ممكن ، عفواً :
(( اليدُ العليا خير من اليدِ السُّفْلى ))
حديث ، العطاء كبير عند الله ، فإذا الواحد أراد أن يكون له دخل كبير ، حتى يرحم الناس ، يعاون الضعفاء ، يطعم الجياع ، يعالج المرضى ، هذه النية ، لذلك نية المؤمن خير من عمله .
المذيع :
ضربتم قبل قليل شيخنا مثالاً ، إذا إنسان علم أن إنساناً مريضاً وشراب الليمون يؤذيه فلو ادعى حسن الفعل لكن النية تريد الإيذاء فإنه يؤاخذ عند الله عز وجل .
سوء الفعل بنية طيبة لا يؤاخذ عليه الإنسان :
الدكتور راتب :
الله عز وجل :
﴿ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾
المذيع :
لو لم يكن يعلم دكتور .
الدكتور راتب :
لا يوجد عليه شيء .
المذيع :
أذى إنساناً وهو لا يعلم أن الشراب يؤذيه .
الدكتور راتب :
لا يحاسب أبداً .
المذيع :
حتى لو وقع فعل الأذى لكن النية سليمة لا يؤاخذه .
الدكتور راتب :
هو ما قصده أبداً .
المذيع :
سبحان الله ، إذاً حسن الفعل مع سوء النية لم تشفع له ، وسوء الفعل بنية طيبة لا يؤاخذ عليه .
الدكتور راتب :
ما أراد ذلك إطلاقاً ، مريض لا يعرف ما مرضه ، أو أحضر له فاكهة تؤذي معدته لكن لا يوجد عنده علم هو .
المذيع :
شيخنا ، هل النية عبارة عن شعور في داخل الإنسان أم يجب أن يتلفظ بكلمات ومصطلحات محددة ؟
النية من عمل القلب :
الدكتور راتب :
ما من داع أبداً للتلفظ ، شخص جاء وقت الصلاة ، نويت أن أتوضأ
أنا أراها تحصيل حاصل ، هناك بعض العلماء أجازوها بكن يوجد بها تكلف ، أنت مثلاً صائم ، ربطت المنبه الساعة الثانية ليلاً ، واستيقظت من أجل السحور ، نويت صيام غدٍ لله تعالى إيماناً واحتساباً ، أنا اجتهادي المتواضع النية من عمل القلب ، ولا تحتاج إلى التلفظ ، هناك فقهاء أجازوا التلفظ بها ، نويت صيام غدٍ ، قام ليصلي الظهر فتوضأ ، نويت الوضوء ، نويت الصلاة، النية من عمل القلب ، هذا اجتهادي ، النية من عمل القلب ، لا مانع من التلفظ بها لكن لا داع لذلك .
المذيع :
أما مجرد وقوف الإنسان وذهابه إلى المسجد هذه هي النية ، لا يحتاج أن يقول : اللهم إني نويت الآن أن أقف مصلياً بين يديك ، لا يشترط ، وإن أجازها بعض العلماء الكرام كما تفضلتم دكتور .
النية هو موضوعنا نتواصل في طرحه ، ووضح شيخنا الكريم فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي قبل الفاصل بأن النية هي شعور يسبق القيام بالأمر ، وهو عند الله أهم من ذات الفعل ، فقد ينوي الإنسان خيراً فلا يتمكن فيؤجر به ، وقد ينوي شراً فيكون والعياذ بالله نية الإثم أو نية الفعل الشر من الفعل ذاته .
النية والرياء شيخنا ، هل الرياء معاكس للنية ؟ والنية السيئة يقصد بها غير الله تعالى؟
الموضوعية قيمة أخلاقية و علمية :
الدكتور راتب :
(( أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي ، أما إني لست أقول إنكم تعبدون صنماً ولا حجراً ، ولكن شهوة خفية وأعمال لغير الله ))
الشرك الجلي انتهى ، لا يوجد عندنا أصنام تعبد الآن ، ديننا دين توحيد ، الشرك الجلي انتهى بهذه البعثة العظيمة ، لكن بقي الشرك الخفي .
(( أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي ، أما إني لست أقول إنكم تعبدون صنماً ولا حجراً- هذه انتهت- ولكن شهوة خفية وأعمال لغير الله ))
أحياناً الإنسان يجمل نفسه أمام شخص مهم ، هو ليس كذلك ، يجمل نفسه ، يتكلم كلاماً غير صحيح ، يبالغ بصفاته ، هذا كلام مرفوض ، فالموضوعية قيمة أخلاقية ، والموضوعية قيمة علمية ، أنت إذا كنت موضوعياً فأنت عالم وأنت أخلاقي بآن واحد ، إذاً تلتقي القيم العلمية مع القيم الأخلاقية بالموضوعية ، دون زيادة أن نقصان .
المذيع :
إذاً الرياء دكتور هو أي فعل نيته ليست لوجه الله ، ولكن أيضاً حضرتك ذكرت قاعدة وأيضاً الخوف من قيام العبادات خوفاً من مدح الناس هو أيضاً وقوع بالرياء .
امتناع المسلم عن العبادة خوفاً من مدح الناس رياء :
الدكتور راتب :
﴿ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ﴾
أنا عليّ أن أقيم منهج الله ، مدحوني ، لم يمدحوني ، كله كلام فارغ .
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً ﴾
المذيع :
أستوضح من حضرتك حتى تتضح النقطة بشكل كامل للجمهور ، قيام الإنسان بالعبادة لأجل الناس رياء ، وامتناع المسلم عن العبادة خوفاً من مدح الناس أيضاً رياء .
الدكتور راتب :
أشد أنواع الرياء .
المذيع :
والعياذ بالله .
صندوق للصدقة في باب المسجد شيخنا ، إذا أنا تصدقت وأردت أن يمدحني الناس فهذا رياء ، وإذا خفت أن أتصدق أمامهم فامتنعت عن الصدقة أيضاً رياء .
الدكتور راتب :
هنا يوجد ملمح دقيق جداً ؛ هناك تبرعات لعمل جماعي لإنشاء معهد شرعي ، لإنشاء جمعية خيرية ، عندما يجلس تجار كبار تقدم رقماً صغيراً ؟! أما لو قدمت رقماً كبيراً وقلت : أنا مني مليون ، حولك أناس يستحون أن يقدموا مبلغ خمسة وعشرين ألف ، ففي مجال عمل صالح، مشروع خيري ، ميتم ، معهد شرعي .
﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ﴾
أما إذا توجهت الصدقة إلى إنسان فينبغي أن تخفيها .
المذيع :
حتى لا يحرج .
الدكتور راتب :
إذا توجهت إلى مشروع ، مشروع إسلامي عظيم ، بناء مسجد ، معهد شرعي ، مستشفى ينبغي أن نعلن ، الله قال :
﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ ﴾
مادام لإنسان لا تفضحه .
المذيع :
أما المشاريع المعلنة من باب التنافس بالخير فتعلن ، قاعدة جميلة الله يفتح عليك شيخنا .
إلى مجموعة من مشاركات مستمعينا الكرام ، محمد تفضل معنا أهلاً وسهلاً .
المستمع :
السلام عليكم ، جزاكم الله خيراً على هذا البرنامج ، وبارك بالدكتور محمد راتب النابلسي .
أريد أن أفهم النية من القلب ، أي عمل أريد أن أقوم به ما من داع أن أقول : نويت وذكرت .
صحة النية :
الدكتور راتب :
ما من داع ، لا ، لا ، ما من داع .
المستمع :
مجرد أن أقوم وأعمل شيئاً ، مثلاً أنا قائم أصلي الظهر ، أو أريد أن أزكي أو أتصدق هل الموضوع هكذا ؟
الدكتور راتب :
تماماً ، كلامك صحيح .
المستمع :
بارك الله بك دكتور ، هناك شيء ثان دكتور ، يمكن خارج عن الموضوع ، إذا تكرمت .
أنا من المستمعين إليك أحب أن أستمع إلى حلقاتك الرائعة جداً ، وبارك الله بك ، وأنت ذكرت مرة من المرات بارك الله بك أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال : الإنسان ما يشاك بشوكة إلا تكون له كفارة .
تعلق إرادة الله بالحكمة المطلقة :
الدكتور راتب :
اسمع الجواب : كل شيء وقع أراده الله ، بالقارات الخمس ، من آدم إلى يوم القيامة ، أراده الله ، أي سمح به ، لم يأمر به ، ولم يرضه ، سمح به ، وكل شيء أراده الله وقع ، معكوسة ، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة ، فالذي وقع لو لم يقع لكان الله ملوماً ، والذي وقع لو لم يقع لكان نقصاً في حكمة الله ، و الحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق ، أي بالكون لا يوجد شر مطلق أبداً ، هناك شر موظف للخير .
المذيع :
إذاً حينما نقول : أراده الله ، يبدو هذا المصطلح مرات لا يكون .
الدكتور راتب :
أراده أي سمح به ، طبيب تزوج ، و عشر سنوات لم ينجب ، ثم أنجب غلاماً آية في الجمال ، تعلق به تعلقاً مذهلاً ، ثم اكتشف الطبيب الأب أن ابنه مصاب بالتهاب الزائدة ، يأمر بفتح بطن ابنه ، واستئصال الزائدة ، ألم يتمنى أنه لو لم يكن كذلك ؟
كل شيء وقع أراده الله .
المذيع :
لكن هذا الطبيب قدرته محدودة ، أما قدرة الخالق دكتور فعظيمة ، حينما نقول : إن الله سمح أو أراد .
الإنسان مخير :
الدكتور راتب :
لا ، هذا موضوع ثان ، الإنسان أعطي الاختيار ، فهو مخير ، فإذا الله عز وجل ألغى اختياره التغى وجوده ، التغت هوية الإنسان كلياً .

﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾
﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾
فالإنسان مخير .
عفواً : جامعة عندها امتحان ، أليس بإمكان الجامعة أن توزع الأوراق مطبوع عليها الإجابة التامة ، و العلامة مئة ؟ هذا نجاح ليس له قيمة .
أنت مخير ، أنت المخلوق الأول ، المكلف ، والمخير ، العمل الصالح باختيارك ، والله يوفقك له .
المذيع :
إذاً حينما نقول إن الله أراده أي إن الله يعلم به لكن يشترط أن يتوافق .
الدكتور راتب :
يعلم علم كشف لا علم جبر .
أنت واقف بالطابق الخامس ، تحت البناء يوجد ساحة عامة ، هناك طريق إلى الملهى وطريق إلى الجامع ، أنت بالطابق العاشر وهذا الذي في الأسفل لا يراك إطلاقاً ، عندما ذهب باتجاه الملهى أنت عرفت إلى أين سيذهب ، هل هذه المعرفة هي التي دفعته إلى هذا الملهى ؟ لا أبداً
علم الله علم كشف لا علم جبر .
المذيع :
الله يفتح عليك يا دكتور .
لننتقل إلى اتصال جديد ، معنا أم مراد ، مرحباً بك أم مراد .
المستمعة :
السلام عليكم ، الله يعطيك العافية ، بارك الله بك دكتورنا العزيز ، ونفعنا بعلمك ، دكتور بالنسبة للعبادات العبد مع ربه ، ربنا يعرف النوايا وما تخفي الصدور ، نحن علاقتنا دكتور مع البشر ، كيف نعرف النوايا ؟
البيان يطرد الشيطان :
الدكتور راتب :
اسمعي النبي الكريم مع زوجته ، مرّ صحابيان ، قال : على رسليكما هذه زوجتي ، البيان يطرد الشيطان .
المستمعة :
كيف نتقي نوايا الناس الشريرة تجاهنا ؟
الدكتور راتب :
أنتِ ليس لك علاقة ، أنتِ مع الله ، إذا كنت مع الله كان الله معك ، ليس لك علاقة معهم .
المستمعة :
قصدك ربنا يحمينا من النوايا السيئة .
الدكتور راتب :
لا يمكن أي يسمح الله عز وجل لإنسان ينال منك .
المذيع :
قصد الأخت أم مراد دكتورنا ، كيف أعرف أن الشخص الذي أمامي يريد شراً أم خيراً بي حتى أحمي نفسي ؟
علاقة كل إنسان مع الله عز وجل :
الدكتور راتب :
ليس لي علاقة ، علاقتي مع الله .
﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾
المستمع :
أنا أعمل المطلوب مني تجاه رب العالمين .
الدكتور راتب :
فقط ، الله يتولى كل شيء .
كن مع الله تر الله معك واترك الكل وحاذر طـــــــمعك
***
المذيع :
شكراً لك أم مراد ، إلى سامية باتصال جديد ، تفضلي أخت سامية .
المستمعة :
السلام عليكم ، يعطيك العافية دكتورنا .
الدكتور راتب :
تفضلي أهلاً وسهلاً .
المستمع :
أريد أن أسألك لو سمحت ، أخي عمره خمساً وعشرين سنة يعطي والدي كل راتبه ووالدي ليس بحاجة ، وهو لا يسمح لأخي أن يجمع المال كي يتزوج ، أخي قرر بنيته كي يتزوج و يعف نفسه عن الحرام أن يجمع المال هل هذا حلال ؟
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق :
الدكتور راتب :
ليس مكلفاً أن يعطي كل ماله لأبيه ، ولو اعتذر لا شيء عليه إطلاقاً ، أما لو فرضنا الأب طلب من ابنه دواء بالليل يجب أن يؤمنه له ، أما أن يعطيه كل راتبه ، وهو يريد الزواج فهذا غير صحيح .
المستمع :
كل راتبه ، ويأخذ فقط مواصلاته وطعامه .
الدكتور راتب :
ألا يريد أخوك أن يتزوج ؟
المستمع :
يريد أن يتزوج ، بالعكس أحسست و كأنه سيرتكب على الحرام .
الدكتور راتب :
أي يعمل الحرام من أجل أن يرضى والدك ؟
(( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ))
المذيع :
شيخنا الكريم كيف يمكن أن يحاول أن يرضي والده .
الدكتور راتب :
يحتاج إلى حكمة .
المذيع :
ماذا يفعل ؟
الدكتور راتب :
﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ﴾
بابا والله لا استطيع ، أتمنى والله ، أنا عندي نفقات ، وعندي أولاد ، وأنت لا ترضى هذا الشيء ، بنعومة .
المذيع :
لكن بالنهاية أصر والده على ما هو فيه ، وخالفه لا يعد عاقاً .
الدكتور راتب :
((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ))
سألني أحدهم قال لي : إن أبي يأمرني أن أطلق امرأتي ، قلت له : كيف ؟ قال لي : والله ممتازة يا أستاذ ، صاحبة دين ومحجبة ، لماذا ؟ قال : لا يحبها ، قلت له : لا تسمع كلام والدك ، قال لي : سيدنا عمر أمر ابنه أن يطلق امرأته ، قلت له : أبوك عمر ؟ إذا عمر فطلقها.
المذيع :
حينما يحكم بعدل عمر يأخذ منه .
إذاً هو عليه أن يبحث عن حكمة في محاولة إرضاء والده ، لكن لو وصلت إلى حد .
الدكتور راتب :
بنعومة ، بلا فظاظة .
المذيع :
لا يعد آثماً ، لو استطاع أن يخفي عنه جزءاً من الدخل لا يعد هنا خللاً .
أكرمك الله دكتور ، ننتقل إلى عمران باتصال جديد ، أهلاً وسهلاً .
الحكمة في معالجة الأمور :
المستمع :
السلام عليكم .
الدكتور راتب :
عفواً ، أم أصرت أن يصور الحفل - عرس - والتصوير فيه فساد كبير ، نساء كاسيات عاريات ، فهو اضطر أن يحضر مصورة ، وأعطاها ألف ليرة أن لا تضع فيلماً بالآلة ، أي عمل حالة ذكية جداً .
المذيع :
الحكمة في معالجة الأمر ، هو خاف أن تنتشر الصور فقال للمصورة بألا تضع فيلماً، وألا تصور .
الدكتور راتب :
قالت لها : احترق الفيلم .
المذيع :
بارك الله بك شيخنا .
أخوانا عمران ، تفضل .
المستمع :
السلام عليكم ، دكتور أنا عندي سؤال ، في موضوع أنه أنت ممكن أن تستغفر ، ممكن أن تصلي على الرسول عليه الصلاة والسلام ، تسبح ، أحد المشايخ قال : يجب أن هناك شيء حاضر داخل قلبك ، أنت تستغفر لكن لم يحضر هذا الشيء ، لكن أنت مسكت السبحة ، أو سبحت على يدك ، أو استغفرت ، تريد أن تستغفر ولكن لا يوجد شيء حاضر بقلبك ، ذكرت الرسول عليه الصلاة والسلام و لكن لا يوجد حضور بالقلب هذا ألا يوجد عليه أجر ؟ هذا واحد.
سيدي الشيخ تحملني ، موضوع أن الإنسان يفكر بالموت ضعف إيمان أم قوة إيمان ؟
الموت أكبر رادع للإنسان :
الدكتور راتب :
قوة إيمان .
المستمع :
كثرة التفكير بالموت .
الدكتور راتب :
لا ليس كثرة ، الموت حق ، الموت أكبر رادع للإنسان لكيلا يعصي الله ، أكبر حافز للجنة ، أكبر حافز للعمل الصالح ، أكبر حافز لتقرأ القرآن .
المذيع :
لو زاد التفكير بالموت عن حجمه دكتور فقد الإنسان نكهة الحياة ؟
الدكتور راتب :
باعتدال ، الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده .
المذيع :
بارك الله بك شيخنا للتوضيح ، شكراً لك أخي عمران لسؤالك ولمشاركتك معنا .
أبو أحمد باتصال جديد ، تفضل .
المستمع :
السلام عليكم ، ممكن نسأل الدكتور سؤال ؟ والله إني أحبك في الله دكتور .
الدكتور راتب :
بارك الله .
المستمع :
أريد أن أسألك سؤالاً ، هناك حادثة حدثت في عرس ، صار إطلاق نار ، وعرف من الذي أطلق النار ، وعرف من أصيب أيضاً بالرصاصة و قد أصابت ظهره ، لو أنت موجود بالموقع ماذا تتكلم للاثنين ؟
الإنسان أغلى مخلوق عند الله وعلينا حمايته :
الدكتور راتب :
والله إطلاق الرصاص فيه معصية ، هذا إنسان أغلى مخلوق عند الله عز وجل ، الفرح بإطلاق الرصاص ليس له معنى إطلاقاً ، هذه بدعة يجب أن تحارب ، أنا والله أتمنى أن يعاقب من يطلق الرصاص بالفرح أكبر عقاب .
المذيع :
والشخص الذي أصيب دكتور تدعوه إلى اللجوء إلى القضاء أم العفو ؟
الدكتور راتب :
لا ، هو له حق أن يلجأ إلى القضاء .
المذيع :
هو يقدرها .
الدكتور راتب :
البطولة أن الذي أطلق يقدم شيئاً ثميناً لهذا الشخص .
المذيع :
شكراً لك أحمد ولمشاركتك معنا .